دور الاقتصاد الرقمي في إعادة هيكلة التجارة الدولية في ظل تحديات التنمية المستدامة : دراسة حالة دول جنوب شرق آسيا

Abstract

يعتبر الاقتصاد الرقمي الاقتصاد ما بعد الصناعي؛ فهو الاقتصاد الذي يعتمد على تكنولوجيا المعلومات كأهم عنصر من عناصر الإنتاج. رغم أن فترة ظهوره يسودها الغموض والالتباس ولا يمكن الحسم في تاريخ محدد يفصل بين الفترتين إلا أنها ترجح فترة منتصف عقد السبعينات كنقطة بروز وظهور له. ففي ظل ظهوره، ومن خلال الثورة التكنولوجية والمعلوماتية وتكنولوجيا الاتصالات اكتسبت التجارة الدولية أهمية متزايدة، واتخذ التبادل التجاري الدولي أشكالا وأساليب جديدة لم تكن معروفة من قبل؛ فتمت صياغة نظريات ومفاهيم جديدة تتماشى والتحولات الهيكيلة التي مست أسس التقسيم الدولي للعمل وغيرت مسار المبادلات الدولية. ولعل الدول التي كان لها حصة الأسد في الاستفادة من المرحلة الانتقالية للنظام الاقتصادي العالمي -الانتقال من الاقتصاد الصناعي إلى الاقتصاد الرقمي- هي دول جنوب شرق آسيا. كانت تجربة هذه الدول بمثابة المعجزة؛ فقد استطاعت أن تنتقل من دول فقيرة متخلفة إلى دول غنية متقدمة خلال فترة لا تتجاوز 30 عاما، بل وتخصصت دوليا في أهم القطاعات الاقتصادية المنتجة والأكثر فاعلية؛ قطاع الخدمات وتكنولوجيا المعلومات. هذا ما أهّل اقتصادياتها لتخوض المنافسة مع أكبر الأقطاب الاقتصادية سيطرة على التجارة الدولية. هذه الدول رغم افتقارها إلى الموارد الطبيعية إلا أن استثمارها في تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وتوجهها نحو التصنيع كثيف التكنولوجيا والخدمات التجارية، شكل الدفعة القوية لتدعيم وتنويع هيكل مبادلاتها الدولية وتفوقها بالمنافسة على الصدارة